لفلي سمايل

نشأة الرهبنة والأديرة

تاريخ الإضافة : 26-2-1435 هـ

القســــــــم الأول الأديــــــــــان الســــــــــــــماوية

 

 النصـــرانـيـة  Christian

 

* نشأة الرهبنة والأديرة:

* عانى النصارى الأوائل من الاضطهاد كثيراً فذاقوا صنوفاً من التعسف والقسوة، ويعلل مؤرخو النصارى ذلك؛ على أنه تدريباً للنصارى على التضحية وحب الفداء، فلما بدأ عهد الحرية تحسر أولئك الذين فاتهم ركب التضحية وسفك الدماء، فقرروا أن يضحوا بمتعهم إذ فاتهم أن يضحوا بدمائهم ولجأوا للتفرد بالجبال، ولابتعاد عن ضجيج الحياة، والحرمان وتعذيب الجسم بالجوع والعطش وخشن الثياب، والتبتل وعدم الزواج، والعكوف على العبادة تقديراً للسيد المسيح عليه السلام، الذي بذل نفسه من أجل البشر وبخاصة أنهم أدركوا بطلان هذا العالم وخداع مظهره الخلاب.

 

* أركان الرهبنة:

أولاً: البتولية.

ثانياً: الفقر الاختياري.

ثالثاً: الطاعة.

 

* أول ظهور للرهبنة:

- كان المصريون أول من تأثر بهذه المبادئ؛ لأنهم من فجر التاريخ، يؤمنون بالبعث، ويدينون بخلود النفس، ويقضون أعمارهم في الاستعداد للحياة الأخرى، بتحنيط أجسادهم وبحفظ المأكولات وغيرها،في مقابرهم. ولما اعتنقوا النصرانية ازداد فيهم الاستعداد، ثم أذكاه في نفوسهم ظلم الولاة الرومان واضطهادهم: وما كانوا محوطين به من أنواع الفجور والتبرج الذي اشتهر به الرومان. فدفعتهم كل هذه العوامل غلى سكنى البراري والقفار. وبعيداً عن أعين الرقباء ليتسع أمامهم مجال التعبد والتقشف، إلى درجة الكمال لذي تقتضيه النصرانية.

 

* الرهبنة في سوريا والعراق:

- انتقلت مبادئ الرهبنة من مصر إلى سوريا بواسطة (هيلاريون) أحد أهالي فلسطين، الذي تخرج في مدارس الإسكندرية، وكان تلميذاً للقديس أنطونيوس. ولما عاد إلى بلاده سنة 310م اتخذ له منسكاً بقرب غزة تقاطر إليه الناس من فلسطين وسوريا، وبلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف راهب.

 

- وكانت نياحته سنة 356م. وكذلك انتقلت الرهبنة إلى العراق بواسطة (اوجين)، الذي كان تلميذاً للقديس باخومبوس. وقد اشتهر في هذه الجهات بالراهب (إبرآم السرياني) الذي ولد بنصيبين في أوائل القرن الرابع. وكان في صغره طائشاً يظن أن الأمور تجري في العالم بطريق الصدفة. وقد خرج يوماً إلى حقل، ورأى هناك بقرة لفقير فطاردها إلى أن اختفت وأكلتها الذئاب. ولما قابله صاحبها وسأله عنها رد عليه رداً جافاً. وبعد نحو شهر من هذه الحادثة، تأخر عن منزله واضطرته الحال إلى أن يبيت عند أحد الرعاة، الذي كان سكراناً من الخمر، فنام نوماً عميقاً، وهجمت الذئاب، فأكلت الأغنام، ولما جاء صاحب الغنم صباحاً ليتفقدها وجدها بهذه الحال. فقدم الراعي وإبرآم إلى القاضي، الذي أودعهما السجن تحت المحاكمة. وتصادف أن كان معهما في السجن إنساناً متهماً بالقتل وآخر بالزنى وهما بريئان أيضاً مما نسب إليهما.

- وبعد أسبوع ظهر ملاك الرب لإبرام في السجن وسأله عن سبب وجوده فيه، فأظهر براءته، ولكن الملاك أوضح له أن ما عمله مع بقرة الفقير هو السبب في وجوده داخل السجن. وأن زميليه في السجن قد ارتكبا خطايا في ظروف أخرى؛ فكل الأمور مدبرة بحكمة من الله. ثم حان اليوم المحدد، لنظر هذه القضايا. فحكم القاضي على بعضهم بالجلد الشديد ثم أودعهم السجن، فتأثر إبرآم من ذلك، وصلى لكي ينجيه الله من هذه الضربات الشديدة؟.!، ووطد عزمه على أن يعيش لله. وبعد نحو شهرين من سجنه ظهر له الملاك ثانية في حلم وأنبأه، أنه سينجو من الجلد بشرط أن ينفذ ما تعهد به! وفعلاً صدر حكم القاضي ببراءته.

- فذهب إلى القديس يعقوب أسقف نصيبين، الذي أرشده إلى حياة التنسك. ثم ذهب إلى الجبال القريبة من نصيبين للتعبد، وانطلق منها إلى بريد مقاريوس بمصر؛ حيث بقى هناك ثماني سنوات. ومنها انتقل إلى كبادوكية حيث رسمه باسيليوس الكبير شماساً. وبعد سيامته ذهب إلى بلدة الرها، وصلى لله لكي يرزقه بمن يقدم إليه نصيحة روحية. فقابل في أثناء دخوله إمرأة ـ تلبس لباساً فاضحاً ـ تتفرس فيه فسألها عن سبب ذلك. فقالت له:" إن المرأة قد أخذت من الرجل، فيحق لها أن تتفرس في أصلها، ولكن الرجل قد أخذ من التراب، فينبغي أن يتفرس في أصله الذي أخذ منه". فتعزى بهذا الكلام وأخذ يتفرس في الأرض أثناء سيره.

 

نشأة الرهبنة والأديرة

القديس أنطونيوس ( أبو الرهبانية في النصرانية )

 

نشأة الرهبنة والأديرة

دير القديس أنطونيوس: السور القديم حول النواة المركزية

 

- لم يكن نظام الرهبنة قد ظهر بعد، بل كان كل من أراد الوحدة، يتخذ له مكاناً خارج المدينة. وهكذا فعل القديس أنطونيوس.

- حيث اعتزل للنسك والعبادة وبعد هذا مضى إلى القبور وأقام فيه وأغلق بابه عليه. وكان بعض أصدقائه يأتون إليه بما يقتات به.

- وكان يترنم بهذا المزمور:" يقوم الله. يتبدد أعداؤه ويهرب مبغضوه من أمام وجهه". وكان يعد لنفسه من الخبز ما يكفيه ستة أشهر كاملة. ولم يسمح لأحد بالدخول، بل كان يقف خارجاً ويستمع لنصائحه. وقد استمر القديس على هذا الحال عشرين سنة وهو يتعبد بنسك عظيم. ثم مضى إلى الفيوم وثبت الأخوة الذين كانوا هناك ثم عاد إلى ديره.

- وفي زمن الاستشهاد تاق أن يصير شهيداً، فترك ديره ومضى إلى الإسكندرية، وكان يفتقد المسجونين على اسم المسيح ويعزيهم.

- فلما رأى منه الحاكم المجاهرة بالسيد المسيح وعدم المبالاة، أمر أن لا يظهر بالمدينة مطلقاً. ولكن القديس لم يعبأ بالتهديد، وكان يوجهه ويحاجه، لعله يسوقه للعذاب والاستشهاد، ثم رجع القديس إلى ديره وكثر الذين يترددون عليه ويسمعون تعاليمه. ورأى ان ذلك يشغله عن العبادة، فأخذ يتوغل في الصحراء الشرقية، ومضى مع قوم أعراب إلى داخل البرية مسيرة ثلاثة أيام، حيث وجد عين وبعض النخيل فاختار ذلك الموضع وأقام فيه، وكان العرب يأتون إليه بالخبز.

- وبلغ صيته إلى الملك قسطنطين المحب للإله، فكتب إليه يمتدحه، ويطلب من أن يصلي عنه. ففرح الأخوة بكتاب الملك. أما هو فلم يحفل به وقال لهم: هو ذا كتب الله ملك الملوك ورب الأرباب توصينا كل يوم ونحن لا نلتفت إليها، بل نعرض عنها، وبإلحاح الأخوة عليه قائلين: أن الملك قسطنطين محب للكنيسة، قبل أن يكتب له خطاباَ باركه فيه، طالباً سلام المملكة والكنيسة.

- ولما دنت أيام وفاة القديس الأنبا بولا أول السواح، مضى إليه القديس أنطونيوس، واهتم به وكفنه بحلة أهداها إليه القديس أثناسيوس الرسولي البابا العشرون. ولما شعر القديس أنطونيوس بقرب نياحته، أمر أولاده أن يخفوا جسده، وأن يعطوا عكازه لمقاريوس، والفروة لأثناسيوس، والملوطة الجلد لسرابيون تلميذه. ثم رقد ممداً على الأرض واسلم الروح، وقد عاش هذا القديس مائة وخمس سنوات، داعياً في سبيل نشر النصرانية.

 

نشأة الرهبنة والأديرة

المؤلف أمام دير سانت كاترين في أرض سيناء المصرية

 

نشأة الرهبنة والأديرة

مسجد بني داخل الدير على عهد العبيديين

 

- يذكر مؤرخو النصرانية: أن القديسة كاترين – بنت حاكم الإسكندرية آنذاك – آمنت بالله في بدايات العصر المسيحي دون بقية أسرتها، وحرص أبوها الحاكم إفساد عقيدتها ، فأراد أن يلهيها عن إيمانها بجميع المغريات ومنها محاولته لتزويجها، إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، فأمر بتعذيبها إلى أن ماتت. ثم يذكر مؤرخو النصرانية – حسب معتقدهم – أن الملائكة حملت جثمانها واختفت به بعد وفاتها ولكنه اكتشف بعد 500 عام؛ على قمة الجبل الذي أقيم عنده الدير وسمي باسمها.

مواضيع ذات صلة

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (1)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..

mohamedbenkada

شكرا جزيلا ارجو من تسجيلي