لفلي سمايل

فتنة مسايرة الواقع + لسلامة الصدر + دموع أغلى البشر + وقفـة تدبر

تاريخ الإضافة : 13-11-1430 هـ

فتنة مسايرة الواقع

 

الشيخ عبد العزيز الجليل

 

* إنَّ من علامة توفيق الله عزّ وجل لعبده المؤمن أن يرزقه اليقظة في حياته الدُّنيا، فلا تراه إلاّ حذراً محاسباً لنفسه خائفاً من أن يزيغ قلبه أو تزلّ قدمه بعد ثبوتها، وهذا دأبه في ليله ونهاره، يفرّ بدينه من الفتن ويجأر إلى ربِّه عزّ وجل في دعائه ومناجاته يسأله الثبات والوفاة على الإسلام والسُّنة غير مبدِّل ولا مغيِّر.

 

- وإنَّ خوف المؤمن ليشتدّ في أزمنة الفتنة التي تموج موج البحر والتي يرقق بعضها بعضاً، وما أخال زماننا اليوم إلاَّ من هذه الأزمنة العصيبة التي تراكمت فيها الفتن وتزيِّنت للنَّاس بلبوسها المزخرف الفاتن، ولم ينجَ منها إلا من ثبّته الله عزّ وجل وعصمه؛ نسأل الله عزّ وجل أن يجعلنا منهم.

 

- ومن هذه الفتن الشديدة التي تضغط على كثير من النَّاس فيضعفون أمامها: فتنة مسايرة الواقع، وضغط الفساد والمشي مع العادات ومراعاة رضا النَّاس وسخطهم؛ وهي فتنة لا يُستهان بها، فلقد سقط فيها كثيــرٌ من النّـــَاس وضعفوا عن مقاومتها، والموفـــق من ثبّته الله عزّ وجل كما قال تعالى: ( يُثبِّت اللهُ الذين آمَنُوا بالقولِ الثَّابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرةِ ) ابراهيم: 27.

 

* ذكر بعض الصور لفتنة مسايرة الواقع والتقليد الأعمى:

- إنَّ فتنة مسايرة الواقع والتأثُّر بما عليه النَّاس لتشتدُّ حتى تكون سبباً في الوقوع في الشرك الموجب للخلود في النَّار عياذاًَ بالله تعالى، وذلك كما هو الحال في شرك المشركين الأوَّلين من قوم نوح وعاد وثمود والذين جاؤوا من بعدهم من مشركي العرب، فلقد ذكر لنا القرآن الكريم أنَّهم كانوا يحتجون على أنبيائهم عندما واجهوهم بالحقّ ودعوهم إلى التوحيد وترك الشرك، بأنَّهم لم يسمعوا بهذا في آبائهم الأوَّلين، وكانوا يتواصون باتباع ما وجدوا عليهم آباءهم ويحرِّض بعضهم بعضاً بذلك ويثيرون نعرة الآباء والأجداد بينهم.

 

- أخبر الله عزّ وجل عن قوم نوح عليه الصلاة والسلام قولهم: ( ما سَمِعنَا بهذا في آبائنا الأولين ) المؤمنون: 24.

- وقال تعالى عن قوم هود: ( قاُلوا أجئتَنا لنعبُد اللهَ وحدَه ونَذَرَ ما كانَ يعبدُ آباؤنَا ) الأعراف: 70.

- وقال تعالى عن قوم صالح: ( قالُوا يا صالحُ قد كُنت فينا مرجُوَّاً قَبْلَ هذا أَتنهَانَا أن نعبُد ما يُعبدُ آباؤنا )  هود:62.

- وقال سبحانه وتعالى عن قوم فرعون: ( قالوا أجئتنا لتلفتنا عمَّا وجدنا عليه آباءنا ) [يونس: 78].

- وقال عن مشركي قريش: ( وإذا قِيل لهُمُ اتبعُوا ما أنزلَ اللهُ قالُوا بَل نتَّبع ما ألفينا عليه آباءنا ) البقرة: 170.

 

- والآيات في ذلك كثيرة، والمقصود التنبيه إلى أنَّ تقليد الآباء ومسايرة ما عليه الناس وألفوه لهوَ من أشدّ أسباب الوقوع في الكفر والشرك، وقد يبين الحقّ للنَّاس ولكن لوجود الهوى وشدَّة ضغط الواقع وضعف المقاومة يؤثر المخذول أن يبقى مع النَّاس ولو كان يعتقد أنَّهم على باطل وأنَّ ما تركه وأعرض عنه هو الحقّ المبين، وإلاّ فما معنى إصرار أبي طالب عمّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم على أن يموت على عقيدة عبدالمطلب الشركية، مع قناعته بأنَّ محمداً صلّى الله عليه وسلّم رسول الله والحقّ معه لولا الهوى ومسايرة ما عليه الآباء وخوفه من مصادمتهم وتضليلهم، نعوذ بالله تعالى من الخذلان.

 

- وإذا جئنا لعصرنا الحاضر وبحثنا عن أسباب ضلال علماء الضلال الذين زيَّنوا للنَّاس الشرك والخرافة والبدع الكفرية، رأينا أنَّ من أهمّ الأسباب: مسايرتهم للنَّاس وميلهم مع الدنيا ومناصبها، وظنّهم أنَّهم بمصادمة النَّاس سيخسرون دنياهم ووجاهتهم بين النَّاس، فآثروا الحياة الدنيا على الآخرة وسايروا النَّاس، مع اعتقادهم ببطلان ما هم عليه، وكذلك الحال لسائر النَّاس المقلِّدين لهم في الشرك والخرافة والسحر والشعوذة، ولو ظهر لأحدهم الحقّ فإنَّه يحتج بما عليه أغلب النَّاس فيسير معهم ويضعف عن الصمود أمام باطلهم، إلاّ من رحم الله من عباده الذين لا يقدمون على مرضاة الله تعالى شيئاً، ولا يتركون الحقّ لأجل النَّاس، ولا يسايرونهم على ما هم عليه من ضلال وفساد، بل يتذكَّرون قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( من التمس رضا الله في سخط النَّاس رضي الله عنه وأرضى عنه النَّاس، ومن التمس رضا النَّاس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه النَّاس ).

 

بقية الموضوع على هذا الرابط

http://www.saaid.net/arabic/ar23.htm

 


لسلامة الصدر

 

* الأسباب المعينة على سلامة الصدر:

- من هذه الأسباب صدق اللجوء إلى الله تعالى والاستعانة به في جميع الأحوال على طرد الخواطر والهواجس الرديئة وعلى مكائد الشيطان والنفس والتضرع إلى الله تعالى بالدعاء بطلب سلامة الصدر من كل آفة.

- أيضا الاشتغال بالذكر الذي يطرد الشيطان عن النفس ويقمعه ويزيل الهم والغم بإذن الله عن القلب.

 

- معرفة خطورة هذا الأمر وبث الوعي فيه وأنه سبب لتفويت كثير من الأجر والثواب ، ضبط النفس في كل ميدان وبخاصة مجال النقاش والحوار الذي يسبب في إيغار الصدور وعدم سلامتها.

- اختيار البيئة الطيبة والصديق الصالح الناصح الذي يدل على الخير ويصرف عن السوء ، طلب العذر وحسن الظن بالأخ ، صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، البعد عن كثرة المزاح وإطلاق اللسان.

 

- أسباب التحاب والتآلف مثل الهدية ، إفشاء السلام ، الزيارة ، السؤال عن الأحوال بين الحين والآخر ، المواساة في المواقف الصعبة ، المباركة في المواقف المفرحة ، طلاقة الوجه ، حفظ السر ،أيضا الإكثار من الصدقة فإنها بإذن الله تعالى تسبب التطهير للنفس والقلب , قال تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها ).

 


دموع أغلى البشــر

 

* سؤلت عن البكاء فأجبت:

- أنصحك بالبكاء.. فقد يخفف ذلك عنك.. وأن تدع كبريائك جانبا هذه المرة.. ودعني أخبرك بعض المواقف التي بكى فيها حبيبنا المصطفى أمام الصحابة الكرام دون أن يمنعه كبريائه من ذلك.

 

* كان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا ويسمع لصدره أزيز وكان بكاؤه تارة رحمة للميت وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها وتارة من خشية الله حتى إذا ما قرأ القرآن أو قرئ عليه أخذته العبرة والخشية والبكاء تعظيما لكلام الله وخوفا منه وقد تم ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مواقف عده منها هذا الموقف الخاشع:

 

- قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اقرأ علي . قلت: يا رسول الله ، آقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال: نعم. فقرأت سورة النساء ، حتى أتيت إلى هذه الآية: { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا }. قال: حسبك الآن ). فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان) رواه البخاري.

 

- وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال: ( يا إخواني لمثل هذا فأعدوا ) صحيح ابن ماجه.

 

- وقام ليلة يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حِجرهُ قالت عائشة: وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته قالت: ثم بكى حتى بل الأرض! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ( أفلا أكون عبدا شكورا ) رواه البخاري.

 

- وبكى صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم... وبكى لما مات عثمان بن مظعون... وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل.

- وعن عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

 

- بعد غزوة أحد نزل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ساحة المعركة وبدأ يتفقد الشهداء من المسلمين فوجد عمه أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه قتيلا وانفه وأذناه مقطوعتان وبطنه مبقور وكبده منزوعة وقد مضغت مضغة ثم رميت على جسمه فبكى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن شدة بكاءه بكى معه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

 

- عن عبد الله بن عمر قال اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال: ( أقد قضى ). قالوا: لا يا رسول الله فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا فقال: ( ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا "وأشار إلى لسانه" أو يرحم ) رواه مسلم.

 

- وعن أبو هريرة رضي الله عنه قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه , فبكى وأبكى من حوله. فقال: ( استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي , واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي , فزوروا القبور , فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم.

- كما تعلم أخي الكريم آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن على الإسلام فقد ماتت قبل البعثة ولا يجوز الاستغفار لغير المسلمين.. فغلبت الرسول الكريم عاطفة الابن لأمه فبكى ذلك البكاء الشديد.

 

- أختم هذه الموضوع بموقف بكى فيه رسولنا الكريم وهو عندما وقع أبو العاصي أسيرا في أيدي المسلمين بعد إحدى الغزوات ( وكان على الشرك آن ذاك ) وكان زوجا لزينب رضي الله عنها ابنة الرسول الكريم وكان الزواج من المشركين لم يحرم بعد فجاءت زينب لتفدي أبو العاصي ولم يكن معها مالا فأتت بقلادة ورثتها من أمها خديجة رضوان الله عليها فعندما رأى الرسول هذه القلادة تذكر خديجة الزوجة الصالحة المخلصة الوفية فبكى في هذا الموقف.

 

* بعد هذه المواقف التي بكى فيها أعز البشر أما زلت مصرا على المحافظة على كبريائك بعدم البكاء؟؟

 


وقفـة تــدبـّـر

فتنة مسايرة الواقع + لسلامة الصدر + دموع أغلى البشر + وقفـة تدبر

 

* قال تعالى: { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }.

مواضيع ذات صلة

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (4)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..

يوسف عثمان

بارك الله فيكم وكثر من امثالكم اللهم آمين.

abdalbase almshte

بارك الله فيكم على ماتبذلونه من جهد فى هذا الموقع الرائع

محمد مصطفى

جزاكم الله خير الجزاء والإحسان فدوماً تبعثوا إلينا بالدرر ، التى تنير قلوبنا بفضل الله ، أحسن الله إليكم اللهم آمين.

salah

جزاكم الله خيرا .. اللهم نبهنا لعيوبنا و اسلل سخائم صدورنا اللهم آمين.