لفلي سمايل

الفتن تعصف بالأندلس

تاريخ الإضافة : 17-9-1432 هـ

الفصل الثالث: عهد الولاة

 

خامساً : الفتن تعصف بالأندلس:

 

* جيش الأندلس وجيش الشام ضد الخوارج:

- وامتدت ثورة الخوارج إلى الأندلس على ثلاثة محاور، واقترب الخطر على عبد الملك بن قطن، الذي لا يستطيع بقواته القليلة أن يصمد أمام الثورة العارمة ثورة الخوارج لذلك استنجد (ببلج بن بشر) يقول: ساعدني على أن أساعدك بشروط: أرسل إليك ما تحتاج وتأتي إلي تعينني على الخوارج على أن تعود بجيشك إلى الشمال الإفريقي بعد النصر.

- رضي بذلك (بلج بن بشير)، ونقلت سفن عبد الملك قواته إلى الأندلس، وفي ملاقاة العدو استطاع الجيشان (جيش عبد الملك والجند الشامي) أن يقهر الجيش الأول للخوارج عند (شذونة).

- ثم توجها معاً إلى نحو (قرطبة) واستطاعوا هناك دحر الجيش الثاني وإبعاد الخطر عن (قرطبة)، وبعد ذلك توجه الجيش لفك الحصار عن (طليطلة) التي كان يحاصرها الجيش الثالث الخارجي منذ زمن، وتمزقت صفوف الخوارج ودحرت قواتهم، وساءت الأحوال في الأندلس للخوارج، لذلك فرّ كثير منهم إلى الشمال الإفريقي، واستقرت أمور المسلمين في الأندلس.

- ولما أوقفت هذه الثورة طلب عبد الملك بن قطن من الجند الشامي مغادرة الأندلس فوراً، ولكن الجند طلبوا مهلة للاستعداد للرحيل، فأصر الوالي على أمره، وأساء معاملة الجيش مما أدى بالجند الشامي الهجوم على قصر الولاية وأسر عبد الملك ثم إلقائه في السجن.

 

الفتن تعصف بالأندلس

التجارة البحرية للمسلمين عامل رئيسي في نشر الإسلام

 

* عام 124 هـ - 742م الوالي السابع عشر بلج بن بشر:

- ولّى الجند الشامي بعد أسر عبد الملك وسجنه بلج بن بشر ولايةَ الأندلس وحصل خلاف في الأندلس، إذ فرّ أمية بن عبد الملك بن قطن إلى الشمال والتجأ في (سرقسطة)، كما فرّ أخوه قطن بن عبد الملك إلى منطقة الغرب واحتمى في (ماردة)، ثم راسلا بعض الشخصيات الأندلسية لمساندتهما في النزاع ضد بلج بن بشر، فاستجاب عبد الرحمن بن علقمة اللخمي، وعبد الرحمن بن حبيب الفهري، اللذان هويا في فتنة الخصومة العمياء، وكان الوالي المسجون عبد الملك بن قطن قد طلب إلى بلج بن بشر إبان طلب المساعدة منه أن يقدم له رهائن ضماناً لعودة الأخير إن استطاعوا ردّ الخوارج، كما سبق..

- فلما لم ينسحب بلج بن بشر وسجن عبد الملك قام أنصاره في الجزيرة الخضراء حيث الرهائن هناك بإساءة معاملتهم، وتعذيبهم حتى قتلوا واحداً منهم، مما دفع أنصار بلج بن بشر إلى قتل عبد الملك بن قطن، ولهذا السبب المباشر توجه أولاده ومن ساندهم، وكان يربو عددهم على أربعين ألفاً نحو (قرطبة) لإسقاط ولاية (بلج) الذي لم يكن معه سوى سبعة آلاف من جند الشام، وتمكن من تجنيد ثلاثة آلاف آخرين فبلغ عددهم عشرة آلاف.

- تمكن جند الشام من الثبات في قرطبة يناصرون الوالي بلج بن بشر، إلا أن عبد الرحمن بن حبيب الفهري قام بعملية انتحارية إذ اقتحم مع مجموعة من أنصاره صفوف الجيش الشامي ووصل إلى بلج بن بشر وجرحه جرحاً بليغاً، لكن أنصار بلج أحاطوا به فولىّ هارباً، وهزم المتحالفون بعد أن تركوا وراءهم كثيراً من القتلى في شوال عام 124هـ، ومات بلج بن بشير متأثراً بجراحة، بعد أن استمرت ولايته أحد عشر شهراً.

 

الفتن تعصف بالأندلس

عارضة مزخرفة بأشكال الورود موجودة في المسجد الكبير بالقيروان

 

* عام 124هـ - 742م الوالي الثامن عشر ثعلبة العاملي:

- وتولى ثعلبة بن سلامة العاملي في ذي القعدة عام 124هـ،  ولاّه جند الشام ، وقد استطاع أهل الأندلس أن يجمعوا شتاتهم ويهاجموا جيش ثعلبة في الشمال قرب (ماردة)، وما استطاع هذا الجيش الثبات والصمود فدخل مدينة (ماردة) وتحصن بها حيث حاصرهم جند الأندلس، وما استطاع من بقي من جنده في قرطبة فك الحصار عنه، وشدد الأندلسيون عليه الحصار وعلى جنده، وهو عازم على الصمود والقتال رافضاً الاستسلام، إلى  أن جاء يوم عيد الأضحى في ذي الحجة عام 124هـ  ففتح هو وجنده الأبواب وقاموا بهجوم مفاجئ باغت الأندلسيين الذين كثر فيهم القتل وولّوا الأدبار يطلبون النجاة، وتفرقوا في الأندلس، وكانت مدة ولايته عشرة أشهر.

 

الفتن تعصف بالأندلس

"أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي" الوالي الجديد يدخل الأندلس

 

* عام 125هـ - 743م الوالي التاسع عشر أبو الخطار الكلبي:

- رأى جماعة من أهل الرأي والفقه والعلم هذا الوضع المزري في الأندلس: صراع قبلي وعصبية قبلية تؤجج الأحقاد والنعرات، فأرسلوا وفداً إلى والي القيروان (حنظلة بن صفوان) يطلعونه على الصورة الحقيقة لحال الأندلس وواقعها والدماء التي تسيل حقداً على أرضها، فتفهم الأمر وأرسل رجلاً يدعى أبا الخطّار حسام بن ضرار الكلبي، في رجب عام 125هـ، والياً على الأندلس، وكان أبو الخطّار إدارياً حكيماً استطاع بسياسته أن يوقف الفتن، فأعلن العفو العام على الجميع، وطلب من جند الشام إما أن يعودوا إلى الشام أو أن يستقروا في أماكن مختلفة من الأندلس، لا أن يتجمعوا في مكان واحد، فاستجابوا له، وأمر أن يغادر ثعلبة بن سلامة (الوالي السابق)، وعبد الرحمن الفهري أرضَ الأندلس، ويتجها إلى شمال إفريقية ففعلا.

- ورضي أن يبقى ابنا عبد الملك (أمية وقطن) في الأندلس بشرط أن يساعداه ولا يتفرقا عنه.

- واستمر أبو الخطّار على هذه السياسة الحكيمة لكنه تحول عنها إذ حدث حادث في الأندلس، حيث قتل أحد أصدقائه المقربين ويدعى (سعيد بن جوّال) فاتهم أبو الخطّار القيسيين بذلك، وكذلك فعل لما تخاصم إليه قيسي وكلابي في شأن اختلفا فيه فضرب أبو خطار القيسي، وذهب هذا بدوره إلى زعيم قيسي يدعى (الصُّميل بن حاتم)- وله شأن كبير في تاريخ الأندلس-.

- وجاء الصميل إلى أبي الخطّار يريد أن يستوضح الأمر، إلا أن الأمير لحنقه على قبيلة قيس شتمه وزجره وطرده من مجلسه.

* الداهية الصميل بن حاتم:

- كان الصميل بن حاتم داهية، صاحب كلام وصاحب حجة ولسان، وبدأ يجمع القيسيين، وراسل بعض الناقمين على أبي الخطّار من بني كلب مثل ثُوابة بن سلامة الجذامي يحضهم على الثورة، فرضي ثوابة على أن يكون الأمر له بعده، لقد أصبح معيار الناس الحكمّ لا المبدأ، كما جاء الصميل إلى رجل له شأن في (أستجة) يدعى (أبا العطاء) وما زال به حتى حرّكه ضدّ أبي الخطاّر.

- وتحالف هؤلاء جميعاً، وتجمعوا في (شذونة) عام 127هـ، هاجمهم أبو الخطاّر لكنه أسر هو، وهزم جيشه.

- واستمرت ولاية أبي الخطار ثلاث سنوات.

 

* عام 128هـ - 746م الوالي العشرون ثوابة  الجذامي:

- وتولى ثوابة بن سلامة الجذامي في رجب 128هـ.

- واستطاع رجل يدعى عبد الرحمن اللخمي في 30 فارساً و 200 رجل من المشاة أن يقوم بعملية خاطفة في قرطبة ويخرج أبا الخطّار من سجنه، وثارت العصبية تضرم نيرانها على أرض الأندلس، ومات الوالي ثوابة بعد أن دامت ولايته ستة أشهر.

 

* عام 129هـ - 746م الوالي الحادي والعشرون عبد الرحمن اللخمي:

- عيّن الصميلُ (عبدَ الرحمن بن كثير اللخمي) والياً في محرم سنة 129هـ واستمرت ولايته مدة وجيزة، وكثرت عليه الثورات، وتنوعت الاضطرابات، فقد ثار عليه (عمرو بن ثوابة) الذي يرى أنه أحق منه بالولاية، ورجل آخر يدعى: يحيى بن حريّن، لذلك لم يستطيع عبد الرحمن إدارة الولاية بشكل يدعو إلى الاستقرار، فعزله الصميل بعد أن دام في الحكم ثلاثة أشهر فقط وعيّن مكانه:

 

الفتن تعصف بالأندلس

أحد معالم الحياة الأندلسية حيث يبدو كيف كانوا يعتنون بالمحاصيل الزراعية وكيفية تخزينها

مواضيع ذات صلة

خمس وعشرون ثورة ضد صقر قريش الأندلس التاريخ المصور خمس وعشرون ثورة ضد صقر قريش
بدء الفتح وأعمال طارق بن زياد الأندلس التاريخ المصور بدء الفتح وأعمال طارق بن زياد

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (0)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..