لفلي سمايل

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

تاريخ الإضافة : 14-1-1440 هـ

أطلس الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

البــــــــاب الثـــالث:

خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 

 الفصــــــل الرابــــع:

فتــــح مصــــر وليبــــيا

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

المستطيل الأحمر يشير إلى موقع مصر وليبــيا بالنسبة لقارة إفريــــقيا

 

* إقليم مصر منزلة الإقليم وكوره:

- هذا هو الإقليم الذي افتخر به فرعون على الورى وقام على يد يوسف بأهل الدنيا فبه آثار الأنبياء والتيه وطور سيناء ومشاهد يوسف وعجائب موسى وإليه هاجرت مريم بعيسى، وقد كرر الله في القرآن ذكره وأظهر للخلق فضله، أحد جناحي الدنيا، وفاخر فلا تحصى.

 

- مصر قبة الاسلام ونهره أجل الأنهار وبخيراته تعمر الحجاز، وبأهله يبهج موسم الحاج، وبره يعم الشرق والغرب، قد وضعه الله بين البحرين وأعلى ذكره في الخافقين، حسبك أن الشام على جلالتها رستاقه، والحجاز مع أهلها عياله، وقيل: أنه هو الربوة ونهره يجري عسلاً في الجنة، قد عاد فيه حضرة أمير المؤمنين، ونسخ بغداد إلى يوم الدين، وصار مصره أكبر أمصار المسلمين، غير أن جعد به سبع متوالية، والأعناب والأتيان به غالية، ورسوم القبط به غالية، وفي كل حين تحل بهم الداهية، عمره مصر بن حام بن نوح عليه السلام، وهذا شكله ومثاله وقد جعلنا أقليم مصر على بن حام نوح عليه السلام، وهذا شكله ومثاله وقد جعلنا أقليم مصر على سبع كور، ست منها عامرة، ولها أيضاً أعمال واسعة، ذات ضياع جليلة، ولم تكثر مدائن مصر؛ لأن أهل السواد قبط ولا مدينة في قياس علمنا هذا إلا بمنبر فأولها من نحو الشام، الجفار ثم الحوف الرف ثم إسكندرية ثم مقدونية ثم الصعيد والسابعة الواحات.

 

* برقــــة:

- مدينة كبيرة قديمة بين الإسكندرية وإفريقية بينها وبين البحر ستة أميال وهي مرج أفيح وتربة حمراء افتتحها عمرو بن العاص رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين ـ قلت: لكنني في أطلس الخليفة عمر اعتمدت على أرجح الروايات التاريخية في هذا الصدد وهي سنة 23 هـ والله أعلم وفيها آثار للأول كثيرة، ومن حمرة تربتها تحمر ثياب ساكنيها والمتصرفين فيه، وعلى ستة أميال منها جبل كثير الخصب، والفواكه والمياه السائحة، وتصلح السائمة في نواحيها، وأكثر ذبائح أهل مصر والإسكندرية من أغنامها لعظم خلقها وكثرة شحمها ولذة لحمها، وقد تقدم ذكرها في ذكر انطابلس فلا نكرره، وبرقة أول منبر ينزلها القادم من ديار مصر إلى القيروان.

 

- ولها كور عامرة، وهي بقعة فسيحة وأرضها حمراء خلوقية كما تقدم وبحمرة ثياب أهلها يعرف أهلها، والصادر عنها والوارد عنها كثير، وهي برية بحرية، وكان من غلاتها فيما سلف القطن الطيب، وبها ديار لدباغ الجلود البقرية والنمور الواصلة إليها من أوجلة وتتجهز منها المراكب إلى الإسكندرية وأهل مصر بالصوف والعسل، ويخرج منها التربة المنسوبة إليها يتعالج الناس بها مع الزيت للجرب والحكة ولها رائحة كرائحة الكبريت، ويذكر أن في بعض جوانب برقة وآثارها القديمة داراً منقورة في حجز صلد عليها باب من حجر صلد وذلك من أغرب ما يكون في الدنيا لا تدخل الذرة بين العضادة والباب إلا للداخل ولا يقدر أحد على الخروج منه إلا أن يدخل عليه آخر ويقال إنه كان مفتحاً لا قفل له ودخلها رجل ليراها فرأى دارا منقورة في حجر صلد وفيها من عظام الناس كثير فهاله ذلك، فلما أراد الخروج وجد الباب قد انغلق فلم يقدر على فتحه فأيقن بالهلكة حتى طلبه بعض أصحابه فجاء إلى ذلك الباب فسمع صوته يستغيث ففتح الباب فخرج الرجل.

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

مصـــــر

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

صورة مصر لابن حوقل النصيبي ت 367ه

 

* خريطتان أوربيتان، تعودان إلى عام 1588 م:

الأولى: تناولت القاهرة والتي بها حصن بابليون الشهير الذي فتحه المسلمون في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه. ويلاحظ من خلال هذا المصور الجغرافي اختراق نهر النيل للمدينة.

 

الثانية: وتحكي الخريطة فيها: تفرع نهر النيل في الوجه البحري(دمياط ورشيد) لتصب تفرعاته في البحر المتوسط.

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

* لمحات عن مصر التراث الجغرافي الإسلامي:

- فأما مصر فلها حد يأخذ من بحر الروم من الإسكندرية، ويزعم قوم من برقة في البرية، حتى ينتهي إلى ظهر الواحات ويمتد إلى بلد النوية ثم يعطف على حدود النوية من حد أسوان على أرض البجة في قبلي أسوان، حتى ينتهي إلى بحر القلزم ويجاوز القلزم إلى طور سيناء ويعطف على بني إسرائيل ماراً بحر الروم في الجفار خلف العريش ورفح، ويرجع على الساحل ماراً على بحر الروم إلى الإسكندرية ويتصل بالحد الذي قدمت ذكره من نواحي برقة.

 

- مصر: اسم الأقليم وقد ذكرت حدود. وهو قديم جليل عظيم جسيم العائدة في سالف الزمان، وإن قصر عن ذلك في آنفه فلوجوه منها أنه كان قديماً قعدد الملك يسكنه عظام الفراعنة وكبار الجبابرة: كمصعب بن الوليد فرعون موسى، الوليد بن مصعب فرعون يوسف، ومن كان بين عصريهما من أكابر الفراعنة، ووجدت بخط أبي النمر الوراق في أخبار أبي الحسين الخصيبي قال: حدثني أبو خازم القاضي قال لي أبو الحسن بن المدبر: لو عمرت مصر كلها لوفت بأعمال الدنيا.

وقال: تحتاج مصر إلى ثمانية وعشرين ألف ألف فدان، وإنما يعمر منها ألفاً ألفا فدان، قال: وقال له أنه كان يتقلد الدواوين بالعراق؛ يريد ديوان المشرق والمغرب. قال: ولم أبت قط ليلة من الليالي وعلي عمل أو بقية منه. وتقلدت مصر فكنت ربما بت وقد علي شيء من العمل فأستتمه إذا أصبحت. قال: وقال له أبو خازم القاضي: جبا عمرو ابن العاص لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اثنى عشر الف ألف دينار، فصرفه عنه عثمان بعبد الله بن أبي سرح... وبها الهرمان اللذان ليس على وجه الأرض لهما نظير في ملك مسلم ولا كافرة ولا عمل ولا يعمل كهما. قوة في ملكه... وللفسطاط طريق على الظهر في البر إلى الإسكندرية من جانب الصحراء وقد ذكرته في صفة المغرب ومراحله على ذات الساحل إلى ترنوط، ولها طريق إذا نضب الماء يأخذ بين المدائن والضياع وينزل في كرائم المدن.

 

- القاهرة: مدينة عظيمة مبنية في وطأة عن ذروة الجبل، أرضها سباخ، ولأجل هذا يعجل إلى مبانيها الفساد. والفسطاط المسمى الآن على ألسنة العامة بمصر؛ مدينة مبنية على ضفة النيل الشرقية، وقد بني قبالتها في الجزيرة المبنى بها المقايس، أبنية كثيرة ، صارت كأنها فرقة من مصر، ومجرى النيل بينهما لمنظره بينهما عند امتداد ضوء القمر، أو إيقاد السرج بالليل، منظر يجذب القلوب وكل من مصر والقاهرة وحواضرهما الممتدة ذات رباع عليه مبلغ بعضها أربع طبقات، في كل طبقة مساكن كاملة بمنافعها ومترفقها، وسطح مقتطع لها من العلى بهندسة محكمة وصناعة عجيبة مع كون البيوت بعضها تحت بعض، ... وفي كل من هاتين المدينتين وحواضرهما، القصور الشاهقة والديار العظيمة والمنازل الرحيبة، والأسواق الممتدة، والمدارس والخوانق، والربط والزوايا والجميع على اتساع رقعة البناء، وفسحة الشوارع مزدحمة بالخلق سكناً وممشى، قد حشرت إليها الأمم، واختلفت إليها أنواع الطوائف.

 

- الإسكندرية: مدينة قديمة جليلة عظيمة وكانت في القديم أكبر مما هي الآن وأعظم في كثرة الأهل والبنيان، بناها الإسكندر ذو القرنين على شاطئ البحر الرومي، ... وجميع بنايتها بالحجر والكلس، مبيضة البيوت باطناً وظاهراً، كأنها الحمامة البيضاء، ذات شوارع مشرعة الأرجاء، كل خط بذاته كأنها رقعة الشطرنج، يستدير بها أسوار ممنعة، وبروج محصنة، عليها الستائر المسترة، والمجانيق المنصوبة، وبها عسكر مستخدم لحفظها، وليس بالديار المصرية مدينة حاكمها مرسوم بنيابة السلطنة سوى الإسكندرية...

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

النيل وهو ينصف القاهرة إلى نصفين

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

جانب آخر لنهر النيل في القاهرة

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

نهر النيل ودلتاه في الأراضي المصرية

 

* خريطة مصر التاريخية:

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

- المملكة القديمة: 3200 ق.م ـ 2160 ق.م. والأسرات من 1ـ 10 (عصر بناة الأهرامات).

 

- المملكة الوسطى: 2160 ق. م ـ 1518 ق. م. والأسرات من 11ـ 17 وخلالها اجتاح الهكسوس مصر.

 

- المملكة الحديثة: 1585 ق. م ـ 1200 ق. م. والأسرات من 18ـ 20 وهي فترة خروج نبي الله موسى عليه السلام وقومه من مصر.

 

- عهد الضعف والانحطاط: 1200 ق.م ـ 332 ق. م. والأسرات من 21ـ 30 وفيها دخل الإسكندر المقدوني أرض مصر، وأنهى حكم الفراعنة. وبعد موته، شكل قائده بطليموس دولة البطالمة ودامت حتى سنة 31 ق. م.، حيث استولى الرومان على مصر بعد ذلك، وفي سنة 395 انقسمت الامبراطورية الرومانية إلى قسمين: شرقي وغربي كانت مصر من نصيب الامبراطورية الشرقية (بيزنطية) والتي كانت القسطنطينية عاصمتها. وانتشرت خلالها النصرانية.

 

- العهد الإسلامي: عهد إرجاع الهيبة والقوة لشعب مصر حينما فتحها المسلمون في عهد رضي الله سنة 20 هـ.

 

- عاصرت الأسرة الثانية عشرة أحداثاً جساماً في مسار التاريخ المصري القديم. ففي هذا العصر ولد سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في أرض أور بجنوبي العراق وبعث فيها، ثم هاجر إلى حران ثم إلى بلاد الشام، وبعد اشتداد الجفاف الذي أصاب أرض الشام، قرر الخليل عليه السلام وزوجه سارة الرحيل إلى مصر، حيث كانت عاصمة آنذاك(اثت تاوى) أي القابضة على الأرضين وهي على مقربة من العاصمة القديمة منف، ومؤسس الأسرة هو أمنمحات الأول الذي اهتم بتشييد الحصون على الدلتا الشرقية والغربية. ثم أعقب هذا الملك سنوسرت الأول والذي قيل عنه أنه حفر قناة تصل بين البحر الأحمر ونهر النيل.

 

* وثيقة نص رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم :

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

عمرو بن العاص رضي الله عنه

إلى المقوس حاكم مصر
عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي، أبو عبد الله. صحابي جليل كان ممن يضرب به المثل في الفطنة والدهاء. كان في الجاهلية من فرسان قريش وكان من الأشداء على الإسلام. أسلم في هدنة الحديبية قبل مكة. ولاه النبي صلى الله عليه وسلم أمر جيش ذات السلاسل وأمده بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على عمان ولم يزل والياً عليها حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم. كان من أمراء الجيوش في الشام في زمن عمر رضي الله عنه، فتح قنسرين ومصر وليبيا. ولاه عمر رضي الله عنه على فلسطين ثم مصر وليبيا. وعزله عثمان رضي الله عنه. ولما كانت الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، كان عمرو مع معاوية وشهد معه صفين. وكان مبعوثه في قضية التحكيم المشهورة. ولاه معاوية على مصر سنة 38هـ. وبقي والياً عليها حتى وفاته. وكان معاوية قد أطلق له خراجها ست سنين فجمع أموالاً طائلة، وقد بنى مدينة الفسطاط في موقع مدينة القاهرة حالياً.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه قال متعجباً: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد! يعني أن الله تعالى خالق الأضداد. وهو صاحب المثل المشهور: ((أردت عمراً وأراد الله خارجة)) وذلك أن رجلاً من الخوارج أراد قتل عمرو فضرب أحد رجاله، ويدعى خارجة، يظنه عمرو، فمات خارجة، فلما جيء بالخارجي إلى عمرو قال تلك المقولة فأصبحت مثلاً. ولعمرو في كتب الحديث 39 حديثاً. توف سنة 43 هـ.

 

* بداية الفتح الإسلامي لمصر سنة 19 هـ:

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

- فاتح عمرو بن العاص الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بالجابية في شأن فتح مصر وحصل على موافقته في زيارته الثانية إلى بلاد الشام سنة 18 هـ. وقد تخوف عمر المسلمين في بادئ الأمر وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظم أمر مصر عند عمر ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها حتى ركن عمر إلى ذلك فقعد له أربعة آلاف رجل كلهم من قبيلة عك، وقيل بل كان عددهم ثلاثة آلاف وخمسمائة ثلثهم من غامق، وغامق من عك، وفي رواية أن عمر بعث إلى عمرو((كن قريباً مني حتى أستخبر الله)).

 

- ((سر وأنا مستخير الله في مسيرك، وسيأتيك كتابي سريعاً إن شاء الله، فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل تدخلها أو شيئاً من أرضها فانصرف، وإن دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره)). فسار عمرو من جوف الليل ولم يشعر به أحد من الناس واستخار عمر الله فكلنه تخوف على المسلمين في وجههم ذلك، فكتب إلى عمرو بن العاص أن يعود بمن معه من المسلمين.

 

- أدرك الكتاب عمراً وهو برفح، فتخوف عمرو إن أخذ الكتاب وفتحه أن يجد فيه الانصراف كما عهد إليه عمر، فلم يأخذ الكتاب ودافع الرسول يماطله وهو يسير بالجيش حتى نزل قرية بين رفح والعريش فسأل عنها فقيل إنها مصر، فدعا الرسول واستلم منه الكتاب وقرأه على المسلمين، وقال لمن معه((ألستم تعلمون أن هذه القرية من مصر؟)) قالوا: بلى. قال((فإن أمير المؤمنين عهد إلي وأمرني إن لحقني كتابه ولم أدخل مصر أن أرجع، ولم يلحقني حتى دخلنا أرض مصر فسيروا وامضوا على بركة الله)).

 

قال صلى الله عليه وسلم:( إنكم ستفتحون أرضًا يذكرُ فيها القيراطَ, فاستوصوا بأهلِها خيرًا, فإن لهم ذمةً ورحماً ) صحيح مسلم.

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

* فتح الفرما في ربيع الأول سنة 20 هـ :

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

* غادر العرب العريش وما حولها من بساتين النخيل وساروا في الطريق إلى الغرب بعيدين عن البحر حتى اقتربوا من مدينة (بلوزا) واسمها بالقبطية (برمون) ويسميها العرب (الفرما) وكانت على نهد من الأرض على نحو ميل ونصف من البحر. وهي قديمة قوية الحصون بها كثير من آثار المصريين القدماء كما كان بها كنائس وأديرة، وكان لها شأن كبير إذ كانت مفتاح مصر من الشرق تشرق على طريق القادم من الصحراء، وتملك ناصية البحر... ولم يكن عند العرب الذين جاءوا مع عمرو شي من عدة الحصار، ولم يكن لهم علم بطرقه، وما كانوا ليستولوا على المدينة إلا بالمهاجمة وفتح الأبواب، أو بالصبر عليها إلى أن يضطر الجوع أهلها أن ينزلوا إليهم. وليس لنا علم بعدد جندها، ولكن من الواضح أن العرب كانوا فئة قليلة، فما كانوا ليقدروا على حصارها من كل جوانبها، فكانت مسلحتها تهبط إليهم بين حين وحين لقتالهم واستمرت الحرب متقطعة مدة شهر، ويقول أحد المؤرخين بل شهرين، ـ قلت: وفي رواية لليعقوبي أن القتال كان ثلاثة أشهرـ ثم خرج إليهم جنودها مرة ليقاتلوهم، ولما عادوا لا تدين إلى مدينتهم تبعهم العرب فملكوا الباب قبل أن يغلق، وكان أول من اقتحم المدينة من العرب(أسميقع بن وعلة السبائي).

 

- فلما ملك العرب الفرما صار في أيديهم معقل يؤمن لهم الطريق المؤدية إلى بلادهم، ويضمن لهم سلامة إذا نزلت بهم هزيمة... فأغلب الظن أن (قيرس) كان موقناً أن المسلمين لا بد لهم أن يسيروا إلى مصر بعد أن تخلص لهم الشام، وأن الأمر واقع لا محالة. فكان الحزم يقضي عليه أن يقيم الأرصاد والربط في الصحراء، حتى أكناف العريش على الأقل، حتى يأتيه العلم بمسير القوم إليه في حينه، ليستطيع التعبية ويسير للقائهم بمن معه جميعاً عند الفرما ولو أرسل الروم عشرة آلاف من جندهم ليقاتلوا عمراً أثناء سيره، أو جمعوا ذلك الجيش العرب ولكن الروم لم يتحركوا في أثناء الحصار، فلم يبعثوا أحداً لنجدة المدينة أو تخليصها. فكان عن الفرما وإسلامهم لها أول ما ارتكبوه من خطأ في تلك الحرب.

 

* موقع الفرما بالنسبة للإسكندرية:

 

بداية الفتح الإسلامي لمصر - فتح مصر وليبيا

 

- الفرما: اسم عجمي أحسبه يونانياً ويشركه من العربية وقد يمد... مدينة على الساحل من ناحية مصر، حصن على ضفة البحر لطيف لكنه فاسد الهواء وخمه لأنه من كل جهة سباخ تتوحل فلا تكاد تنضب صيفاً ولا شتاء، وليس بها زرع ولا ماء المطر فإنه يخزن في الجباب ويخزنون أيضاً ماء النيل يحمل إليهم في المراكب من تنيس، وبظاهرها في الرمل ماء العذيب ومياه غيره في آبار بعيدة الرشاء وملحة تنزل عليها القوافل والعساكر، وأهلها نحاف الأجسام متغيرو الألوان، وهم من القبط وبعضهم من العرب منم بني جرى وسائر جذام، وأكثر متاجرهم في النوى والشعير والعلف لكثرة اجتياز القوافل بهم. ولهم بظاهر مدينتهم نخل كثير له رطب فائق وتمر حسن يجهز إلى كل بلد...

مواضيع ذات صلة

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (0)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..