لفلي سمايل

اليهود والنصارى 5

تاريخ الإضافة : 16-8-1427 هـ

كيف تطورت العلاقة بين اليهود والنصارى

 من عداوة إلى صداقة.. ؟!

 

- كيف انقلبت العداوة إلى صداقة وتعاون ؟ !

- مما سبق ( في الجزء السابق  اليهود والنصارى 4 ) وعلى ضوء مفاهيم العهد الجديد أخذت كل التنبؤات والوعود المتعلقة باليهودية اتجاهاً تفسيرياً جديداً استبعد أي تدخل بشري أو عمل سياسي يقضي أو يفضي إلى عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لليهود بها .

- يضاف إلى ذلك أن العهد القديم كان " حتى أواخر القرن الرابع عشر حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه إلا قلة من رجال الإكليروس الذين يعرفون العبرية واللاتينية ".

 

- إذاً فاليهود في نظر المسيحيين - على ضوء ما سبق - مارقون كفار يجب اضطهادهم. وفسرت وعودهم على ضوء العهد الجديد بأسلوب يسلبهم كل حق، وكتابهم حبيس ولغتهم مندرسة.

- هذا هو وضع اليهود كشعب وكتاب ووعود ولغة قبل حركات الإصلاح.

- ثم جاء البروتستانتية " حركة الإصلاح التي تم ذكرها في الحلقة السابقة " فشكلت مسار التغيير في كل ما سبق فانقلبت الأمور إلى اتجاه معاكس تماماً لما كانت عليه المسيحية قبل عصور الإصلاح الديني.

- فحصل اليهود من حركة الإصلاح الديني على ما لم يكونوا يحلمون به حيث " إن رياح التغيير في الموقف المسيحي تجاه اليهود بدأت تهب منذ ظهور الحركة الإصلاحية البروتستانتية في القرن السادس عشر، حين أطاحت هذه الحركة بحق الكنيسة في احتكار تفسير الكتاب المقدس وتحديد الرؤية المسيحية الفكرية، وبذلك تم إحياء النص التوراتي وبدأ التفسير الحرفي للنصوص المتعلقة باليهود يحل محل التأويلات والتفسيرات التي تبنتها الكنيسة الكاثوليكية الأم، وبدأت النظرة إلى اليهود تتغير تدريجياً ".

 

- اعتمد هذا التغير على المبدأ الذي نادى به ( لوثر ) قائد الحركة الإصلاحية وهو إلغاء احتكار الكنيسة ورجال الدين حق تفسير الكتاب المقدس، ودعوته الشعب أن يتعامل مباشرة مع الكتاب وجعله المصدر الوحيد للمسيحية باعتباره مصدر المسيحية النقية.

- وبذلك " جاءت البروتستانتية بفكرة إقامة الحقيقة الدينية على أساس الفهم الشخصي دون فرض قيود على التفسيرات التوراتية، فكان كل بروتستانتي حراً في دراسة الكتاب المقدس واستنتاج معنى النصوص التوراتية بشكل فردي، وهكذا فتح الباب للبدع في اللاهوت المسيحي وأصبح التأويل الحرفي البسيط هو الأسلوب الجديد في التفسير بعد أن هجر المصلحون البروتستانت الأساليب التقليدية الرمزية والمجازية ".

- ولما اعتمد البروتستانت على الكتاب المقدس ( العهد القديم كأصل ) وآمنوا بوجوب التعامل الفردي المباشر مع نصوصه تاركين الأساليب المجازية التقليدية في تفسير هذه النصوص كان أول ما يفتحونه العهد القديم فتقع أعينهم على التنبؤات والوعود اليهودية فيفهمونها بحرفيتها دون تأويل ويعتقدون مضمونها .

 

- وقد تولدت عن هذا نظرة جديدة عن اليهود حاضراً وماضياً ومستقبلاً ونتج ما يلي :

1- أصبح العهد القديم المرجع الأعلى لفهم العقيدة المسيحية وبلورتها.

2- اعتبرت اللغة العبرية - باعتبارها اللغة التي أوحى بها الله، واللسان المقدس الذي خاطب به شعبه المختار - هي اللغة المعتمدة للدراسة الدينية .

- إن هاتين النتيجتين اللتين أفرزتهما حركة الإصلاح تعدان نقلة ذات أهمية في تاريخ اليهود، كما تعد نقلة ذات أهمية أيضاً في تاريخ العلاقة بين الطائفتين.

 

- فالعهد القديم الذي ظل حبيس الأديرة والصوامع لا يطلع عليه أحد إلا القليل أصبح على يد البروتستانت المرجع الأعلى للنصارى فيما يخص اليهود بل في فهم العهد الجديد.

- واللغة العبرية التي اعتبرت " الأساطير الكاثوليكية التقليدية أن دراستها تسلية الهراطقة وكان تعلمها في نظر الكثيرين بدعة يهودية، واتخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها " هذه اللغة أصبحت بعد حركة الإصلاح جزءاً من الثقافة الأوربية " فقد أصبح العالم يتقن اللاتينية واليونانية والعبرية وأصبحت العبرية جزءاً من المنهج الدراسي اللاهوتي.

- وفي نهاية القرن السادس عشر أخذت الحروف العبرية تستعمل في الطباعة، وانكب المسيحيون العاديون ورجال الدين على دراسة أدب الأحبار، وأعجب المسيحيون أيما إعجاب بالعبرية واقترن في أذهان كثير من المجموعات والفرق البروتستانتية مع إعجابهم بالعبرية إعجابهم بالمبادئ والقيم اليهودية.

- وتسربت الروح العبرية اليهودية إلى الفنون والآداب فكان الفنانون يرسمون ويحفرون مناظر من الكتاب المقدس، وحلت قصص وتفسيرات العهد القديم محل المسرحيات التي كانت تمثل حياة القديسين، وأصبحت شخصيات العهد القديم كأبسالوم وإيستر ويوحنا وجوزيفوس وغيرهم تبدو على أنها شخصيات تحتذى في أخلاقها.

 

* وهكذا تسربت الأدبيات اليهودية إلى صميم العقيدة والفكر المسيحي وكانت هذه الأدبيات تدور حول أمور ثلاثة :

- الأمر الأول : هو أن اليهود هم شعب الله المختار، وأنهم يكونون بذلك الأمة المفضلة على كل الأمم.

- الأمر الثاني : هو أن ثمة ميثاقاً إلـهياً يربط اليهود بالأرض المقدسة في فلسطين، وأن هذا الميثاق الذي أعطاه الله لإبراهيم عليه السلام هو ميثاق سرمدي حتى قيام الساعة.

- الأمر الثالث : هو ربط الإيمان المسيحي بعودة السيد المسيح بقيام دولة صهيون، أي بإعادة وتجميع اليهود في فلسطين حتى يظهر المسيح فيهم.

 

- وآمن النصارى البروتستانت أن مساعدة اليهود لتحقيق هذه الغاية - وقيام دولة صهيون - أمر يريده الله لأنه يعجل بمجيء المسيح الذي يحمل معه الخلاص والسلام، وساد الاعتقاد أن النصارى المخلصين سوف يعيشون مع المسيح في فلسطين ألف سنة في رغد وسلام قبل يوم القيامة طبقاً لبعض التفسيرات الحرفية لسفر رؤيا يوحنا اللاهوتي.

 

ويليه إن شاء الله الجزء السادس من اليهود والنصارى في رسالة قادمة .

مواضيع ذات صلة

إضف تعليقك

فضلا اكتب ماتراه فى الصورة

تعليقات الزوار (6)

ملاحظة للأخوة الزوار : التعليقات لا تعبر بالضرورة عن رأي موقع لفلي سمايل أو منتسبيه، إنما تعبر عن رأي الزائر وبهذا نخلي أي مسؤولية عن الموقع..

TARIQ

هذا حالهم حتى قبل مجيء خاتم الانبياء والمرسلين فلقد ذكر عندهم مكان خروجه, والله يفعل مايريد.

حمود

شكرا لك على هذي المعلومات اتمنى من الجميع قراءتها للتوعية جزاك الله خير

amirco

شكراً على المفاهيم القيمة هذه ونتمني من الله ان ينتبه المسلمون من شر هؤلاء البشر وحمنا الله وإياكم.

sherko

والله كلماتك حلوه جزاك الله خيرا

احمد حسن الباجورى

الله يبارلك لك فى دينك و يهدى المسلمين و ينصرهم

ashraf

كلامك جميل جدا.. شكرا.